في أحدث تصريحاته النارية، عاد كارلوس غصن مجددًا لواجهة المشهد الإعلامي، موجّهًا انتقادات لاذعة لشركته السابقة نيسان، مؤكدًا أن الشركة "تلفظ أنفاسها الأخيرة" و"تتوسّل البقاء"، بعد أن فقدت تألقها وباتت – بحسب وصفه – "شركة مملة ومتوسطة الأداء".
ورغم مرور أكثر من ست سنوات على هروبه المثير من اليابان واستقراره في بيروت، لا يزال غصن متمسكًا برأيه في تشخيص أسباب تدهور ثالث أكبر صانع سيارات في اليابان، موجهًا سهام نقده إلى القيادة الحالية، التي يعتبر قراراتها بطيئة وغير فعالة.
غصن أشار إلى أن تحالف رينو-نيسان، الذي كان في الماضي نموذجًا ناجحًا للتكامل، تقلّص إلى "كيان هشّ"، بعدما انخفضت نسبة التملك المتبادل بين الطرفين إلى 10% فقط، وسط استعداد رينو للاستحواذ على حصة نيسان البالغة 51% في عملياتها بالهند. ويرى غصن أن هذه الخطوة تعكس تفكك الشراكة التاريخية وسوء إدارة المرحلة الراهنة.
ولم يتردد غصن في انتقاد محاولة اندماج نيسان مع هوندا، واصفًا إياها بـ"المحاولة اليائسة" للحصول على طوق نجاة مالي، بينما كانت هوندا تسعى عمليًا إلى "استحواذ مقنّع" عبر تبادل الأسهم بطريقة تمنحها اليد العليا. وقد انتهت هذه المحادثات خلال أشهر قليلة، بحسب ما كشفه غصن.
في حديثه لموقع Asia Times، استشهد غصن بأرقام حديثة تُظهر تراجع ربح التشغيل لدى نيسان إلى 0.5% فقط، وانخفاض أرباحها بنسبة 90% إلى 32.9 مليار ين في النصف الأول من سنتها المالية. كما أشار إلى أن مبيعات الشركة مرشحة للهبوط إلى 3.4 ملايين سيارة، بعد أن بلغت 5.7 ملايين في عام 2017، حين كان لا يزال على رأس التحالف. هذه الأرقام، بحسب وصفه، تضع نيسان في "وضع ذعر" وتجعلها تبحث عن أي دعم مالي ممكن.
وتابع غصن في مقابلة خاصة تحذيراته قائلاً إن "نيسان تواجه خطر الإفلاس ما لم يتدخل مستثمر كبير يضخ المال ويقدم رؤية واضحة". واستبعد أن يكون الاندماج مع هوندا حلًا ناجعًا، مبررًا ذلك بتشابه الشركتين ثقافيًا وتقنيًا، مما يقلل من فرص التكامل بينهما.
أما التحدي الأكبر الذي يواجه نيسان اليوم، من وجهة نظره، فيتمثل في تسارع التقدم الصيني في قطاع السيارات الكهربائية، وهو ما تسبب في حالة من الارتباك داخل الشركة التي تحاول اللحاق بالركب دون نجاح يُذكر. ويقدّر غصن خسائر نيسان منذ خروجه بأكثر من 50 مليار دولار.
ولا يمكن فصل هذه التصريحات عن الخلفية الشخصية لغصن، المطلوب دوليًا بتهم تتعلق بإساءة استخدام أصول الشركة وغسل الأموال. فقد أثار هروبه من اليابان في صندوق لمعدات موسيقية ضجة عالمية، رغم نفيه للرواية الرسمية، واعتُبر بطلاً شعبياً في لبنان.
ويؤكد غصن اليوم أن "المشكلة الأكبر" التي تعاني منها نيسان هي فقدان الثقة من الداخل والخارج، في ظل قيادة – على حد تعبيره – "عاجزة عن رسم خريطة طريق واضحة لإنقاذ الشركة".
ورغم ما قد يراه البعض تصفية حسابات شخصية، إلا أن الواقع المالي المتأزم ومستوى القلق داخل أروقة نيسان في طوكيو يعززان رواية غصن. فالشركة تقف على مفترق طرق حاسم بين تنفيذ خطة "التحول 2030" في قطاع السيارات الكهربائية، وبين أزمة ثقة وسيولة تهدد بإجهاض تلك الخطة قبل أن تُؤتي ثمارها.
والسؤال الذي يبقى مفتوحًا: هل ستتمكن نيسان من استعادة مكانتها أم تسلّم الراية في سباق التحول الكهربائي؟ المؤكد أن كارلوس غصن لن يفوّت فرصة للتعليق على كل خطوة في هذا المسار.