أعلنت شركة ستيلانتيس، المالكة لأربع عشرة علامة تجارية في قطاع السيارات من بينها جيب، دودج، بيجو وألفا روميو، عن إنهاء تعاونها التقني مع شركة أمازون في مشروع "SmartCockpit" الذي كان يهدف إلى تطوير مقصورة ذكية داخل السيارات، وذلك بعد أكثر من ثلاث سنوات من العمل المشترك. هذا المشروع الطموح كان يسعى إلى دمج خدمات أليكسا وخدمات الويب من أمازون (AWS) داخل مركبات ستيلانتيس، لتوفير تجربة قيادة ذكية وشخصية أكثر، لكنه لم يصل إلى مرحلة التنفيذ كما كان مخططًا له.
جاء مشروع SmartCockpit في إطار رؤية لتطوير مقصورة تعتمد على تقنيات الحوسبة السحابية، لتوفير محتوى ترفيهي متقدم، وتحسين الاتصال الرقمي داخل السيارة، ودعم التحديثات البرمجية عبر الهواء (OTA)، بالإضافة إلى ربط السيارة بأنظمة المنزل الذكي والهواتف المحمولة. كان من المفترض أن يتم طرح هذه المنظومة في سيارات ستيلانتيس بحلول نهاية عام 2024، وأن تتضمن تكاملًا مع أليكسا للتحكم الصوتي في وظائف السيارة والمنزل، واستخدام خدمات AWS لمعالجة البيانات وتخزينها عن بُعد، إلى جانب تقديم تحديثات برمجية دون الحاجة إلى زيارة مراكز الخدمة.
لكن رغم التطلعات، لم يُكتب لهذا المشروع الاستمرار. وأشارت الشركتان إلى أن قرار إنهاء الشراكة جاء نتيجة تركيز كل منهما على أولوياتها الاستراتيجية الخاصة. كما أسهمت عدة عوامل في فشل المشروع، من أبرزها التحديات المالية والتقنية التي واجهتها ستيلانتيس في العامين الماضيين، بما في ذلك انخفاض المبيعات والأرباح، ما دفعها إلى إعادة تقييم استثماراتها في المشاريع التي لا ترتبط مباشرة بالإنتاج. إضافة إلى ذلك، شهد السوق تحولات في الأولويات، حيث لجأت العديد من الشركات المنافسة إلى تطوير أنظمتها الداخلية الخاصة أو إلى اعتماد منصات جاهزة مثل Android Automotive، ما جعل الشراكة مع أمازون أقل جدوى من الناحية الاستراتيجية. كما أدى تقليص فرق العمل لدى أمازون إلى تقويض إمكانيات التطوير المطلوبة لاستكمال المشروع بالسرعة المناسبة.
من جهة ستيلانتيس، سيستمر استخدام خدمات AWS في استضافة البيانات ودعم مشاريع رقمية أخرى، لكنها لن تتابع خطة الدمج العميق كما كان مقررًا ضمن SmartCockpit. وبدلًا من ذلك، ستحول تركيزها نحو منصة جديدة تحمل اسم "STLA Brain"، والتي ستكون بمثابة البنية التحتية البرمجية لإدارة الأنظمة في الجيل القادم من سياراتها الكهربائية. أما بالنسبة لأمازون، فستواصل دمج أليكسا في بعض طرازات ستيلانتيس وفي سيارات علامات تجارية أخرى، لكنها على الأرجح ستسعى إلى شراكات بديلة أو حلول تقنية أكثر بساطة وسرعة في التنفيذ.
على مستوى المستهلك، كان كثيرون يترقبون تجربة قيادة متطورة تتيح الربط الكامل بين السيارة والأجهزة المنزلية من خلال أليكسا. ومع إلغاء مشروع SmartCockpit، سيظل هذا التكامل محدودًا، ولن يحصل المستخدمون على المقصورة الذكية الشاملة التي تم الوعد بها. أما بالنسبة لصناعة السيارات، فقد برهنت هذه التجربة على أن التعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى لا يُعد ضمانًا للنجاح. فبينما قامت تسلا بتطوير منظومتها الرقمية داخليًا منذ البداية، اعتمدت شركات أخرى على منصات جاهزة لتسريع وتيرة الابتكار دون الدخول في تعقيدات الشراكات العميقة.
إن إلغاء مشروع SmartCockpit يُعد تذكيرًا بأن دمج التكنولوجيا المتقدمة في صناعة السيارات يظل عملية معقدة تواجهها تحديات اقتصادية وتقنية مستمرة. وبينما تطوي ستيلانتيس وأمازون صفحة هذا المشروع المشترك، يبقى السباق محتدمًا بين الشركات لتقديم تجربة داخلية ذكية حقيقية، في وقت يترقب فيه المستهلك حلولًا بديلة تلبي الطموحات التي لم تتحقق.