في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، برز قطاع التوصيل كأحد أبرز أدوات التكيف الاقتصادي الداخلي في الصين، بحسب ما نقلته صحيفة الإيكونوميست.

تشير التقارير إلى أن الإجراءات الجمركية التي اتخذتها الولايات المتحدة، والتي تجاوزت في بعض الحالات نسبة 145%، أثرت بشكل مباشر على قطاع التصدير الصيني. وقدّرت مؤسسات مالية أن حوالي 16 مليون عامل صيني مرتبطون بإنتاج سلع موجهة للسوق الأمريكية، مما يهدد مستقبل وظائفهم في حال استمرار الحواجز التجارية.

دور قطاع التوصيل في مواجهة التأثيرات
رداً على هذه التحديات، لجأت الحكومة الصينية إلى دعم قطاع التوصيل، الذي شهد نمواً كبيراً مع توسع منصات مثل “ميتوان” و”إلي.مي”. وتشغّل شركة "ميتوان" وحدها أكثر من 7.5 مليون سائق توصيل. يقوم هؤلاء العمال بتوصيل الطعام والبضائع والطرود في مختلف أنحاء البلاد.

وفقاً للبيانات المتاحة، يُقدّر عدد العاملين في الاقتصاد الحر في الصين بأكثر من 84 مليون شخص، ويرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 200 مليون عند احتساب العاملين الجزئيين والمستقلين. ويشكل سائقو التوصيل نسبة كبيرة ضمن هذه الفئة، ولهم دور أساسي في تحفيز الاستهلاك المحلي.

تغير في السياسة الرسمية
حتى عام 2020، وُجهت انتقادات من السلطات الصينية لبعض المنصات الرقمية، ووصفت بأنها تمثل "توسعاً غير منظم لرأس المال". لكن منذ عام 2023، تغير الخطاب الرسمي. بدأت الحكومة بالإشادة بدور هذه المنصات في خلق فرص عمل، وطرحت سياسات تشجع على توفير مزايا اجتماعية لعمال التوصيل مثل التأمين الاجتماعي والتقاعد.

رغم ذلك، أبدى بعض العاملين في القطاع تحفظاً على هذه التغييرات، خصوصاً فيما يتعلق بإمكانية تحميلهم تكاليف المساهمات الاجتماعية. كما رفض البعض الانضمام إلى برامج التقاعد في ظل الشكوك حول استدامتها.

تطور تقني يهدد مستقبل القطاع
بالتوازي، بدأت شركات توصيل في الصين استخدام تقنيات جديدة مثل الطائرات المسيّرة والروبوتات لتوصيل الطلبات. وقد تم تنفيذ ملايين الطلبات باستخدام هذه الوسائل، ما يشير إلى احتمالية تغيّر طبيعة وظائف التوصيل مستقبلاً.

خلاصة بيانات الحالة
الصين، التي يزيد عدد سكانها على 1.4 مليار نسمة، تشهد تحوّلاً في كيفية إدماج قطاع التوصيل ضمن استراتيجياتها الاقتصادية. وتبرز بيانات المنصات والتوجهات الرسمية أن هذا القطاع بات جزءًا من السياسات الاقتصادية الداخلية، في ظل تقلبات الأسواق العالمية والحرب التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة.