أعلنت الصين دخول نفق «تيانشان شنغلي» الخدمة رسميًا على طريق أورومتشي–يولي السريع في إقليم شينجيانغ، في خطوة تُعد من أبرز مشاريع البنية التحتية الحديثة في البلاد، وتهدف إلى إحداث نقلة نوعية في الربط بين شمال الإقليم وجنوبه بعد عقود من المعاناة مع طرق جبلية خطرة كثيرة الإغلاق.
النفق الجديد، الذي بدأ تشغيله مع نهاية ديسمبر 2025، يبلغ طوله أكثر من 22 كيلومترًا، ما يجعله الأطول من نوعه ضمن شبكات الطرق السريعة عالميًا. كما حقق إنجازًا هندسيًا إضافيًا بتسجيل أعمق بئر عمودي يُنفذ داخل نفق طريق سريع، بحسب ما أعلنته الجهات المشرفة على المشروع.
ويُنظر إلى هذا النفق باعتباره عنصرًا أساسيًا في تحسين حركة التنقل ودعم الاقتصاد المحلي، إذ تسهم الطرق السريعة الحديثة في تسريع انتقال الأفراد والبضائع، وخفض تكاليف النقل، وربط المناطق البعيدة بالمراكز الحيوية. وفي مناطق شاسعة ووعرة مثل شينجيانغ، تكتسب هذه المشاريع أهمية مضاعفة لما توفره من أمان واستقرار في الحركة اليومية.
ويخترق النفق قلب جبال تيانشان، التي لطالما شكّلت عائقًا طبيعيًا أمام التنقل بين الشمال والجنوب. وقبل إنجازه، كان السائقون يعتمدون على مسارات جبلية ضيقة ومتعرجة، كثيرًا ما تتوقف الحركة عليها بسبب الثلوج أو الانهيارات الأرضية. أما اليوم، فيوفر النفق مسارًا مباشرًا وسلسًا يربط أورومتشي بمناطق جنوبية رئيسية مثل يولي وكورلا.
وجاء تنفيذ المشروع بعد تحضيرات طويلة شملت أبحاثًا جيولوجية دقيقة، نظرًا لطبيعة المنطقة التي تتميز بتشققات صخرية ونشاط زلزالي وتفاوت كبير في درجات الحرارة. وخلال أعمال الحفر، استُخدمت تقنيات متقدمة ومعدات ثقيلة، إلى جانب أنظمة مراقبة مستمرة لضمان سلامة التنفيذ والتعامل مع التحديات الميدانية.
ويقع النفق على ارتفاعات تقارب 3000 متر فوق سطح البحر، في ظروف مناخية قاسية وصلت فيها درجات الحرارة إلى ما دون 40 درجة مئوية تحت الصفر. كما تصل أعمق نقطة فيه إلى أكثر من ألف متر تحت سطح الأرض، مع آبار رأسية عميقة استُخدمت لنقل العاملين والمعدات.
ومن حيث التصميم، أُنشئ النفق بأنبوبين منفصلين لتسيير الحركة في اتجاهين متعاكسين، مع تزويده بآبار تهوية ومخارج طوارئ متعددة. ويضم النظام تجهيزات متكاملة تشمل إضاءة ذكية، وتهوية مستمرة، وكاميرات مراقبة، ومرافق أمان موزعة على طول المسار لتوفير قيادة أكثر راحة وأمانًا.
وبعد افتتاحه، أسهم النفق في تقليص زمن الرحلة عبر جبال تيانشان بشكل ملحوظ، إذ انخفض وقت السفر من أكثر من ست ساعات إلى نحو ثلاث ساعات فقط، بينما لا تتجاوز مدة عبوره 20 دقيقة. وتأمل السلطات أن ينعكس هذا الإنجاز على تنشيط التجارة والسياحة، وجذب الاستثمارات، وتقليل الأثر البيئي عبر خفض استهلاك الوقود والانبعاثات الناتجة عن الرحلات الطويلة والمسارات الجبلية القديمة.