في خطوة لافتة تؤكد أن الابتكار لا يقتصر على التكنولوجيا الرقمية فحسب، كشفت تركيا عن أول طريق موسيقي في تاريخها، ضمن مشروع نفذته المديرية العامة للطرق السريعة التابعة لوزارة النقل والبنية التحتية. ويقع هذا الطريق في منطقة ناليهان بالعاصمة أنقرة، ويُعد تجربة فريدة من نوعها على مستوى البنية التحتية الذكية.

يعتمد هذا الطريق على تقنية هندسية دقيقة تقوم على حفر أخاديد منتظمة على سطحه، بحيث تُنتج اهتزازات صوتية عند مرور إطارات السيارة عليها بسرعات محددة. وعندما يقود السائق بسرعة ثابتة تبلغ 100 كيلومتر في الساعة، تتحوّل هذه الاهتزازات إلى لحن موسيقي واضح يعزف مقطوعة موزارت الشهيرة "روندو ألا توركا"، ما يضفي طابعًا فنيًا على تجربة القيادة.

هذا المشروع لا يهدف إلى الترفيه فقط، بل يشكل أداة مبتكرة لتعزيز السلامة المرورية. فعندما يحافظ السائق على السرعة المطلوبة، يستمتع بسماع اللحن، في حين يختفي النغم عند تجاوز أو انخفاض السرعة، ما يحفّز السائقين على الالتزام بالحدود الآمنة. بهذه الطريقة، يصبح الطريق أداة توعوية تُقلل من الحوادث الناتجة عن السرعة المفرطة.

إضافة إلى ذلك، يشكل الطريق الموسيقي عنصر جذب سياحي جديد في تركيا، حيث يدمج الفن بالبنية التحتية ويمنح الزائرين تجربة مختلفة وغير مألوفة. ويمكن لعشاق السيارات والموسيقى على حد سواء زيارة الطريق لخوض هذه التجربة الفريدة. كما يمثل المشروع وسيلة جديدة لتقييم حالة الطرق، إذ أن أي خلل في السطح أو تآكل في الأخاديد ينعكس فورًا على جودة اللحن، مما يسمح للجهات المعنية برصد الأعطال في مراحل مبكرة والقيام بالصيانة اللازمة.

وزير النقل والبنية التحتية، عبد القادر أوروغلو، أشار إلى أهمية توافر ظروف معينة لنجاح هذا النوع من الطرق، أهمها الحفاظ على نعومة سطح الطريق وخلوه من الأضرار، وضبط حركة المرور بحيث لا تتسبب المركبات الثقيلة في تآكل الأخاديد بسرعة، إلى جانب ضرورة التزام السائقين بالسرعة المثالية للاستماع إلى اللحن بجودة عالية.

في نظرة مستقبلية، يرى الخبراء أن هذه التجربة قد تتوسع لتشمل طرقًا في مناطق أخرى، خاصة في الوجهات السياحية أو الترفيهية. كما يمكن دمجها مستقبلًا مع تقنيات حديثة مثل أنظمة الملاحة التفاعلية أو تطبيقات الهاتف الذكي، لتقديم تجربة قيادة أكثر تطورًا وارتباطًا بالتكنولوجيا.

بهذه المبادرة، تؤكد تركيا قدرتها على الجمع بين الفن والهندسة في مشروعات البنية التحتية، في إطار سعيها لتعزيز مفاهيم النقل الذكي وتقديم تجارب قيادة آمنة، مبهرة ومليئة بالابتكار.