شهدت آليات ضبط المخالفات المرورية تحولًا جذريًا بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث بدأت مدن أوروبية بتجربة نظام سيتي سكانر (Cityscanner) الذي يُعتبر نقلة نوعية في المراقبة المرورية. يعتمد النظام على مركبة صغيرة مزودة بكاميرات متطورة وتقنية لايدار (LiDAR) مرتبطة بقاعدة بيانات لحظية، ما يمكّنها من التحقق من لوحات نحو 1,500 سيارة في الساعة، وهو معدل يفوق بكثير كفاءة الدوريات التقليدية.
طوّرت هذا النظام شركة دي سي إكس إنوفيشينيس (DCX Innovationis) ومقرها ريغنسبورغ بألمانيا، وصُمم لقراءة لوحات المركبات بدقة، وفحص صلاحية المواقف، وربط البيانات مباشرة مع تطبيقات الدفع الإلكتروني مثل إيزي بارك (Easypark) وباركستر (Parkster). ولضمان الدقة، تمر المركبة مرتين على الطريق نفسه قبل تسجيل أي مخالفة، ثم تُحال النتائج إلى موظف مختص للمراجعة قبل إصدار الغرامة النهائية.
مدينة هايدلبرغ الألمانية كانت آخر المدن التي اعتمدت هذا النظام، بعد أن سبقتها بولندا، كما استُخدم سابقًا في فرنسا وهولندا. وحسب صحيفة هاندلسبلات (Handelsblatt)، فإن التقنية الجديدة رفعت سرعة وكفاءة رصد المخالفات بمعدل 6 أضعاف، خاصة بعد أن أقرّت ولاية بادن-فورتمبيرغ إطارًا قانونيًا يسمح بتطبيقها.
ورغم مزاياها، أثارت التقنية مخاوف تتعلق بالخصوصية، إذ تؤكد الشركة أن المركبة لا تلتقط صورًا لوجوه المارة أو لوحات المركبات الملتزمة بالقانون، وأن مراجعة الصور الخاصة بالمخالفين تظل من اختصاص الشرطة فقط. من الناحية المالية، يبلغ سعر الجهاز حوالي 130 ألف يورو (152 ألف دولار)، دون رسوم البرمجيات، وقد جرى تصميمه بحيث يمكن تركيبه على سيارات صغيرة أو نقله إلى مركبات أخرى خلال أربع ساعات فقط، ما يمنح البلديات مرونة في استخدامه.
أما في العالم العربي، فقد نرى هذه التقنية قريبًا، لا سيما في دول مثل الإمارات التي تضع الذكاء الاصطناعي في صميم خططها للتحول نحو المدن الذكية. وبما أن نظام سيتي سكانر أثبت قدرته على رفع معدلات الإنجاز بشكل كبير، فمن المتوقع أن يكون جزءًا من منظومات المرور والمواقف مستقبلًا، بما يسهم في تقليل الازدحام، وتحسين الانضباط، وتعزيز التحول الرقمي في إدارة المدن.