تُعتبر إشارات المرور جزءًا أساسياً من البنية المرورية في مدن العالم، إذ تعمل على تنظيم الحركة ومنع الازدحام والحد من الحوادث، خاصة في المدن المكتظة التي يصعب الاستغناء فيها عن الإشارات مهما تطورت وسائل النقل. ومع ذلك، اختارت بوتان اتجاهاً مختلفاً تماماً. فقد جربت الإشارات الضوئية عام 1995 ليوم واحد فقط، ثم قررت إزالتها بعدما شعر السكان بأنها تزيد التوتر ولا تتناسب مع نمط الحياة الهادئ في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، تعتمد العاصمة تيمفو وغيرها من المناطق على سلوك السائقين وثقافة احترام الطريق بدلاً من الاعتماد على إشارات صارمة، في نموذج فريد لا يشبه أنظمة المدن الحديثة. ويعكس غياب الإشارات رؤية أعمق ترتبط بفلسفة “السعادة القومية الإجمالية”، التي تقدّم راحة الإنسان ورفاهيته على الحلول التقنية المعقدة.
ولتسهيل الحركة المرورية دون إشارات، تستعين بوتان بشرطيين مدرَّبين يقفون داخل أكشاك خشبية عند التقاطعات الرئيسية، إضافة إلى استخدام الدوارات ولافتات توعوية بسيطة على الطرق. وبالنسبة لسكان بوتان، لا تُعدّ إشارات المرور ضرورة، بل قد تخلّ بتوازن الحياة اليومية، ورغم غرابة هذا النهج بالنسبة لبقية العالم، إلا أن النظام يعمل بكفاءة بفضل هدوء السائقين وثقافة المجتمع.